مقالة

عندما تصلّي

حين خلقنا الله، وضع فينا شيئاً يتوق إليه. ندرك أننا بحاجة لقوة أعظم من قوتنا لحل مشاكلنا وحمايتنا وسد احتياجاتنا. نتعلّم من خلال الصلاة أن نأتي إلى الله طالبين منه العون. وهذا الكتاب الصغير، الذي كتبه ج. روبرت أشكروفت، يعلّمنا كيف نصلّي صلواتٍ تُستجاب وكيف يمكن لاحتياجاتنا أن تُسَدّ من خلال صلاتنا لله وعبادتنا إياه

فكّر في الله عندما تصلي

هل‭ ‬تعجبت‭ ‬وتساءلت‭ ‬لماذا‭ ‬يحصل‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬إجابات‭ ‬عجيبة‭ ‬لصلواتهم‭ ‬بينما‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬صلواتك‭ ‬تبدو‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مستجابة؟‭ ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬يتحدث‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬لله‭ ‬بسهولة‭ ‬بينما‭ ‬أنت‭ ‬بالكاد‭ ‬تجد‭ ‬ما‭ ‬تقوله؟‭ ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬تشعر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬بحضور‭ ‬الله،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬يبدو‭ ‬لك‭ ‬أنك‭ ‬تتحدث‭ ‬في‭ ‬فراغ؟‭ ‬ربما‭ ‬سأل‭ ‬كل‭ ‬مؤمن‭ ‬نفسه‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭.‬

حتى‭ ‬تلاميذ‭ ‬عيسى‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصلاة‭. ‬فلقد‭ ‬أمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬عيسى‭ ‬مقدار‭ ‬أهمية‭ ‬الصلاة،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬عجيبة‭ ‬حدثت‭ ‬استجابة‭ ‬لصلواته،‭ ‬لذلك‭ ‬طلبوا‭ ‬إليه‭ ‬قائلين‭:‬

يَا‭ ‬سَيِّدُ،‭ ‬عَلِّمْنَا‭ ‬أَنْ‭ ‬نُصَلِّيَ‭ (‬لوقا‭ ‬11‭: ‬1‭)‬

وقد‭ ‬أجاب‭ ‬عيسى‭ ‬هذه‭ ‬الطلبة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بكلماته،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بمثاله‭. ‬وعلّم‭ ‬التلاميذ‭ ‬صلاة‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يصلّوها،‭ ‬وعلّمهم‭ ‬كيف‭ ‬يصلّونها‭. ‬الله‭ ‬يريدنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬معه‭. ‬بل‭ ‬الحقيقي‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬داخلنا‭ ‬الرغبة‭ ‬أن‭ ‬نصلي‭. ‬فلتكن‭ ‬طلبة‭ ‬التلاميذ‭ ‬هي‭ ‬طلبتنا‭ ‬بينما‭ ‬ندرس‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬بروح‭ ‬الصلاة‭. ‬والله‭ ‬مستعد‭ ‬لتعليمنا‭! ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ …‬

٪ الله‭ ‬سيعلمك‭ ‬أن‭ ‬تصلي‭.‬

٪ الله‭ ‬صالح‭.‬

٪ الله‭ ‬يحبك‭.‬

٪ الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا‭.‬

٪ الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

هذا‭ ‬الدرس‭ ‬سيساعدك‭:‬

٪ لتفكر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬تصلي‭.‬

٪ لتصلي‭ ‬بيقين‭ ‬واثقاً‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يحبك‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الأفضل‭ ‬لك‭.‬

الله‭ ‬سيعلمك‭ ‬أن‭ ‬تصلي

الهدف‭ ‬الأول‭: ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬الصلاة‭.‬

عندما‭ ‬خلقنا‭ ‬الله،‭ ‬وضع‭ ‬فينا‭ ‬ما‭ ‬يشدنا‭ ‬إليه‭. ‬فنحن‭ ‬ندرك‭ ‬حاجتنا‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬تفوق‭ ‬قوتنا‭ ‬لحل‭ ‬مشاكلنا،‭ ‬وحمايتنا‭ ‬وسد‭ ‬احتياجاتنا،‭ ‬فنلجأ‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬الطبيعة‭ ‬طلباً‭ ‬للعون‭. ‬لكن‭ ‬دوافعنا‭ ‬للصلاة‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬نحن‭ ‬نحس‭ ‬بالحاجة‭ ‬لأن‭ ‬نعبد‭ ‬ونكرم‭ ‬ونخدم‭ ‬كائناً‭ ‬فائقاً‭ ‬للطبيعة‭.‬

كم‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬أن‭ ‬نوجه‭ ‬هذه‭ ‬العبادة‭ ‬للشخص‭ ‬الصحيح،‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬خلقنا،‭ ‬الله‭! ‬عندئذ‭ ‬فقط‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬الشبع‭ ‬الروحي‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬يريدنا‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬نتمتع‭ ‬به‭. ‬لقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬هكذا‭ ‬حتى‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتكلم‭ ‬ونتحدث‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬إلينا‭ ‬ويساعدنا‭. ‬فالحياة‭ ‬ليست‭ ‬كاملة‭ ‬بدون‭ ‬هذه‭ ‬الشركة‭ ‬مع‭ ‬الله‭.‬

يدعونا‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصلاة‭ ‬لنسأله‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬نريده‭. ‬تأمل‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭: ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬العالم‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬رب‭ ‬الكون‭ ‬ومالكه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬معنا‭. ‬هو‭ ‬صنعنا‭ ‬ويفهمنا‭ ‬ويحبنا‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يعيننا‭. ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬أعطانا‭ ‬إياه،‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬يدعونا‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬بمشاكلنا‭ ‬ونتحدث‭ ‬معه‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الصلاة‭ – ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬الله‭. ‬إنه‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭:‬

اُدْعُنِي‭ ‬فَأُجِيبَكَ‭ ‬وَأُخْبِرَكَ‭ ‬بِأُمُورٍ‭ ‬عَظِيمَةٍ‭ ‬وَعَمِيقَةٍ‭ ‬لَا‭ ‬تَعْرِفُهَا‭.‬‭ (‬إرميا‭ ‬33‭: ‬3‭) ‬

ثق‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سيعلّمك‭ ‬حين‭ ‬تدرس‭ ‬وتطبق‭ ‬عملياً‭ ‬ما‭ ‬يعلّمنا‭ ‬إياه‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الصلاة‭. ‬إن‭ ‬عنوان‭ ‬كل‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬مبدأً‭ ‬كتابياً،‭ ‬هو‭ ‬قاعدة‭ ‬بسيطة‭ ‬لتساعدك‭ ‬حين‭ ‬تصلي‭. ‬ويأتي‭ ‬الدرس‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مملوءاً‭ ‬بالاقتراحات‭ ‬العملية‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تطبيقها‭. ‬إن‭ ‬مبدأ‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ – ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬تصلي‭ – ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬علّمنا‭ ‬إياها‭ ‬عيسى‭. ‬إن‭ ‬اتبعنا‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬أعطانا‭ ‬إياه‭ ‬فسوف‭ ‬نبدأ‭ ‬صلواتنا‭ ‬مدركين‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الله،‭ ‬مكرّمين‭ ‬إياه،‭ ‬مصلين‭ ‬لتكن‭ ‬مشيئته‭.‬

صَلُّوا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬بِمِثْلِ‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الصَّلَاةِ‭: ‬أَبَانَا‭ ‬الَّذِي‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ،‭ ‬لِيَتَقَدَّسِ‭ ‬اسْمُكَ‭. ‬لِتَأْتِ‭ ‬مَمْلَكَتُكَ‭. ‬لِتَكُنْ‭ ‬مَشِيئَتُكَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬كَمَا‭ ‬هِيَ‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ‭.‬‭ (‬متى‭ ‬6‭: ‬9ذ10‭)‬

الله‭ ‬صالح

الهدف‭ ‬الثاني‭: ‬وصف‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتقدم‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭.‬

عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬ما،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬احتياجاتنا‭ ‬فقط‭. ‬بل‭ ‬نفكر‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬الشخص‭ ‬الآخر،‭ ‬من‭ ‬هو،‭ ‬ماذا‭ ‬يعمل،‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭. ‬إن‭ ‬درسنا‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الصلاة‭ ‬بفاعلية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تطبق‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬ذاته‭ ‬حين‭ ‬تتحدث‭ ‬إلى‭ ‬الله‭: ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬حين‭ ‬تصلي‭. ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬للعبادة‭.‬

دعنا‭ ‬أولاً‭ ‬ندرك‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭. ‬ولأن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحررنا‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬الألم‭ ‬والمعاناة‭. ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يباركنا،‭ ‬ويجعلنا‭ ‬سعداء‭ ‬وأصحاء،‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنحيا‭ ‬حياة‭ ‬صالحة‭ ‬نافعة‭. ‬إن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬طيبة‭ ‬وصلاح‭ ‬الله‭ ‬يجعلنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نشترك‭ ‬في‭ ‬ترنيمة‭ ‬صاحب‭ ‬المزمور‭:‬

مزمور‭ (‬100‭):‬

1‭.‬ اِهْتِفِي‭ ‬للهِ‭ ‬يَا‭ ‬كُلَّ‭ ‬الْأَرْضِ‭.‬

2‭.‬ اُعْبُدُوا‭ ‬اللهَ‭ ‬بِفَرَحٍ،‭ ‬تَعَالَوْا‭ ‬قُدَّامَهُ‭ ‬مُرَنِّمِينَ‭.‬

3‭.‬ اِعْلَمُوا‭ ‬أَنَّ‭ ‬الْمَوْلَى‭ ‬هُوَ‭ ‬اللهُ‭. ‬هُوَ‭ ‬صَنَعَنَا،‭ ‬نَحْنُ‭ ‬لَهُ‭. ‬نَحْنُ‭ ‬شَعْبُهُ،‭ ‬وَغَنَمُهُ‭ ‬الَّتِي‭ ‬يَرْعَاهَا‭.‬

4‭.‬ اُدْخُلُوا‭ ‬أَبْوَابَهُ‭ ‬بِالْحَمْدِ،‭ ‬وَدِيَارَهُ‭ ‬بِالتَّسْبِيحِ‭. ‬اِحْمَدُوهُ‭ ‬وَسَبِّحُوا‭ ‬اسْمَهُ،

5‭.‬ لِأَنَّ‭ ‬اللهَ‭ ‬طَيِّبٌ،‭ ‬وَرَحْمَتَهُ‭ ‬تَدُومُ‭ ‬إِلَى‭ ‬الْأَبَدِ،‭ ‬وَأَمَانَتَهُ‭ ‬إِلَى‭ ‬كُلِّ‭ ‬الْأَجْيَالِ‭.‬

الله‭ ‬يحبك

الهدف‭ ‬الثالث‭: ‬شرح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬محبة‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬لنا‭ ‬الله‭ ‬غفران‭ ‬الخطايا‭.‬

إن‭ ‬الله‭ ‬يحبك‭ ‬ويحبني‭. ‬فالمحبة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬طبيعته‭. ‬لقد‭ ‬أرسل‭ ‬الأب‭ ‬ابنه‭ ‬عيسى‭ ‬المسيح‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬لكي‭: (‬1‭) ‬يخبرنا‭ ‬عن‭ ‬محبته،‭ (‬2‭) ‬يبين‭ ‬هذه‭ ‬المحبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حياته‭ ‬وموته‭ ‬من‭ ‬أجلنا،‭ (‬3‭) ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬معه‭ ‬ونتمتع‭ ‬بمحبته‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭. ‬قال‭ ‬مولانا‭ ‬عيسى‭:‬

أَحَبَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬كُلَّ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬لِدَرَجَةِ‭ ‬أَنَّهُ‭ ‬بَذَلَ‭ ‬ابْنَهُ‭ ‬الْوَحِيدَ‭ ‬لِكَيْ‭ ‬لَا‭ ‬يَهْلِكَ‭ ‬كُلُّ‭ ‬مَنْ‭ ‬يُؤْمِنُ‭ ‬بِهِ،‭ ‬بَلْ‭ ‬يَنَالَ‭ ‬حَيَاةَ‭ ‬الْخُلُودِ‭.‬‭ (‬يوحنا‭ ‬3‭: ‬16‭)‬

لأن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬فقد‭ ‬وضع‭ ‬مقاييس‭ ‬معينة‭ ‬للعالم‭ ‬الذي‭ ‬صنعه‭. ‬فهو‭ ‬يعلّمنا‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنعمل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صواب‭. ‬وكملك‭ ‬للكون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكمنا‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬نعمل،‭ ‬فيجازي‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬الصواب،‭ ‬ويعاقب‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬الخطأ‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أننا‭ ‬جميعاً‭ ‬أخطأنا‭ ‬وحُكِم‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننفصل‭ ‬أبدياً‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬طريق‭ ‬لنجاتنا‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬طريق‭! ‬إن‭ ‬الله‭ ‬أحبنا‭ ‬كثيراً‭ ‬جداً‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬أرسل‭ ‬ابنه،‭ ‬عيسى‭ ‬المسيح،‭ ‬ليأخذ‭ ‬مكاننا‭. ‬وعيسى‭ ‬أيضاً‭ ‬يحبنا‭ ‬وقد‭ ‬مات‭ ‬لأجل‭ ‬خطايانا‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬من‭ ‬الأموات‭ ‬ورجع‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭. ‬ويوماً‭ ‬ما‭ ‬سيأتي‭ ‬ثانية‭ ‬ليضع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬أبيه‭.‬

أَمَّا‭ ‬أَنَا‭ ‬فَجِئْتُ‭ ‬لِتَكُونَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬حَيَاةٌ،‭ ‬بَلْ‭ ‬حَيَاةٌ‭ ‬وَفِيرَةٌ‭.‬‭ (‬يوحنا‭ ‬10‭: ‬10‭)‬

إذا‭ ‬فكرنا‭ ‬عندما‭ ‬نصلي‭ ‬كم‭ ‬يحبنا‭ ‬الله‭ ‬سنشعر‭ ‬أننا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نرضيه‭. ‬نحن‭ ‬نأسف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬عملناه‭ ‬ونطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يغفر‭ ‬لنا‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنعمل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صواب‭.‬

إِنِ‭ ‬اعْتَرَفْنَا‭ ‬بِذُنُوبِنَا،‭ ‬فَهُوَ‭ ‬أَمِينٌ‭ ‬وَيُمْكِنُنَا‭ ‬أَنْ‭ ‬نَتَّكِلَ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬لِيَغْفِرَ‭ ‬لَنَا‭ ‬ذُنُوبَنَا‭ ‬وَيُطَهِّرَنَا‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَرٍّ‭.‬‭ (‬1يوحنا‭ ‬1‭: ‬9‭)‬

الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا

الهدف‭ ‬الرابع‭: ‬وصف‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الله‭ ‬أبانا‭.‬

حين‭ ‬نقبل‭ ‬مولانا‭ ‬عيسى‭ ‬منجياً‭ ‬لنا،‭ ‬يصبح‭ ‬الله‭ ‬أباً‭ ‬لنا‭. ‬وهو‭ ‬يفعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬تبنينا،‭ ‬فهو‭ ‬يرسل‭ ‬روحه‭ ‬القدوس‭ ‬ليحيا‭ ‬فينا،‭ ‬ويعطينا‭ ‬طبيعة‭ ‬جديدة‭ ‬ويجعلنا‭ ‬أبناءه‭. ‬ويعلّمنا‭ ‬عيسى‭ ‬حين‭ ‬نصلي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬يا‭ ‬أبانا،‭ ‬بالتمام‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬هو‭ ‬دائماً‭. ‬فكر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ندعو‭ ‬خالق‭ ‬الكون‭ ‬أبانا‭!‬

يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬ونطلب‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬نحتاجه‭ ‬من‭ ‬أبينا‭ ‬السماوي‭. ‬ولقد‭ ‬أخبرنا‭ ‬عيسى‭ ‬بأن‭ ‬الأب‭ ‬يحبنا‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعطينا‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭.‬

فَالْأَبُ‭ ‬نَفْسُهُ‭ ‬يُحِبُّكُمْ،‭ (‬يوحنا‭ ‬16‭: ‬27‭)‬

هَذَا‭ ‬هُوَ‭ ‬السَّبَبُ‭ ‬أَنِّي‭ ‬أَقُولُ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬أَنْ‭ ‬لَا‭ ‬تَقْلَقُوا‭ ‬عَلَى‭ ‬طَعَامٍ‭ ‬أَوْ‭ ‬شَرَابٍ‭ ‬لِمَعِيشَتِكُمْ،‭ ‬وَلَا‭ ‬عَلَى‭ ‬مَلَابِسَ‭ ‬لِأَجْسَامِكُمْ‭. ‬أَلَيْسَتِ‭ ‬الْحَيَاةُ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الطَّعَامِ‭ ‬وَالْجِسْمُ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمَلَابِسِ؟‭ ‬اُنْظُرُوا‭ ‬إِلَى‭ ‬طُيُورِ‭ ‬السَّمَاءِ،‭ ‬إِنَّهَا‭ ‬لَا‭ ‬تَزْرَعُ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَحْصُدُ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَجْمَعُ‭ ‬فِي‭ ‬مَخَازِنَ،‭ ‬وَأَبُوكُمُ‭ ‬السَّمَائِيُّ‭ ‬يَرْزُقُهَا‭. ‬أَلَسْتُمْ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬بِكَثِيرٍ؟‭ ‬‭(‬متى‭ ‬6‭: ‬25‭-‬26‭)‬

فَإِنْ‭ ‬كُنْتُمْ‭ ‬أَنْتُمُ‭ ‬الْأَشْرَارُ،‭ ‬تَعْرِفُونَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تُعْطُوا‭ ‬عَطَايَا‭ ‬صَالِحَةً‭ ‬لِأَوْلَادِكُمْ،‭ ‬فَكَمْ‭ ‬بِالْأَوْلَى‭ ‬أَبُوكُمُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ‭ ‬يُعْطِي‭ ‬الْخَيْرَاتِ‭ ‬لِلَّذِينَ‭ ‬يَطْلُبُونَ‭ ‬مِنْهُ‭! ‬‭(‬متى‭ ‬7‭: ‬11‭)‬

إن‭ ‬دورنا‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬عما‭ ‬نحتاج،‭ ‬وهذا‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬الصلاة‭. ‬نحن‭ ‬نسأل،‭ ‬وقد‭ ‬وعد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يستجيب‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نخاف‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬نطلب‭ ‬شيئاً‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬عمله‭. ‬فهو‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭! ‬ولذلك‭ ‬فنحن‭ ‬نسأل،‭ ‬عالمين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا‭.‬

اِسْأَلُوا‭ ‬تُعْطَوْا‭.‬‭ (‬لوقا‭ ‬11‭: ‬9‭)‬

لأجل‭ ‬احتياجك كفاية‭ ‬الله

لأجل‭ ‬ضعفك قوة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬فشلك‭ ‬ غفران‭ ‬الله

لأجل‭ ‬وحدتك محبة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬جهلك علم‭ ‬الله

لأجل‭ ‬مشاكلك حكمة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬مرضك شفاء‭ ‬الله

الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء

الهدف‭ ‬الخامس‭: ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬اللامحدودة‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬احتياجاتنا‭.‬

الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬محدود،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭. ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬محدوداً‭ ‬بالمكان‭ – ‬إذ‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬محدوداً‭ ‬بالزمان‭ – ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬دائماً،‭ ‬ودائماً‭ ‬سيكون،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬أزلي‭ ‬أبدي‭. ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يرى‭ ‬المستقبل‭ ‬بنفس‭ ‬الوضوح‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬به‭ ‬الماضي‭ ‬وكذا‭ ‬الحاضر،‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يخفى‭ ‬عليه‭ – ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬أفكارنا‭.‬

إن‭ ‬الله‭ ‬يفهمنا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬نفهم‭ ‬نحن‭ ‬أنفسنا،‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬بالتمام‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬لنا‭. ‬ونحن‭ ‬إذ‭ ‬نذهب‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭ ‬ونسأله‭ ‬أن‭ ‬يقودنا‭ ‬ويرشدنا،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬حكمته‭ ‬غير‭ ‬المحدودة‭ ‬وكذا‭ ‬صلاحه‭ ‬ومحبته‭. ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬هو‭ ‬صواب‭. ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نسلّم‭ ‬حياتنا‭ ‬له‭ ‬بسرور،‭ ‬عالمين‭ ‬بأنه‭ ‬سيعتني‭ ‬بنا‭ ‬جيداً‭.‬

الله‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬الكيان

الحكمة

المعرفة

الصلاح

القوة

المحبة

الله‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬القوة‭ – ‬فقد‭ ‬خلق‭ ‬الكون،‭ ‬وهو‭ ‬يديره‭ ‬بأمره‭. ‬إن‭ ‬قوانين‭ ‬الطبيعة‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬الأنماط‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الله‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭. ‬لكنه‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬بها‭. ‬فحينما‭ ‬يشاء‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يسرع‭ ‬أو‭ ‬يبطئ‭ ‬عملها،‭ ‬أو‭ ‬يمكنه‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬عملها‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬بواسطة‭ ‬قانون‭ ‬أسمى،‭ ‬أي‭ ‬المعجزات‭ ‬والقوات‭ ‬التي‭ ‬عملها‭ ‬عيسى‭: ‬فقد‭ ‬شفى‭ ‬المرضى،‭ ‬وأقام‭ ‬الموتى،‭ ‬وجعل‭ ‬الأعمى‭ ‬يبصر‭ ‬والأصم‭ ‬يسمع‭. ‬هذه‭ ‬جميعها‭ ‬بكلمة‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬لمسة‭. ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬لنا‭ ‬إطلاقاً‭ ‬أن‭ ‬نخشى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مشاكلنا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحلها‭ ‬الله‭!‬

أَمَّا‭ ‬اللهُ‭ ‬فَهُوَ‭ ‬عَلَى‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬قَدِيرٌ‭.‬‭ (‬متى‭ ‬19‭: ‬26‭)‬

الدرس التالي