استمع إلى الله عندما تصلي
هل سمعت يوماً صوت الله إليك؟
يسجل لنا الكتاب المقدس عدة حالات تحدّث فيها الله إلى أناس مختلفين. كلم الله ولداً اسمه صموئيل وناداه باسمه ليلاً، وطلب منه أن يحمل رسالة إلى الحبر عالي. كلم الله امرأة اسمها هاجر وهدّأ خوفها إذ أرشدها نحو الماء في البرية. وقد سمع صموئيل وهاجر صوت الله.
ومع أن الله لا يتكلم دائماً بصوت مسموع كما فعل مع صموئيل وهاجر، لكنه يتكلم دائماً! ولديه الكثير ليقوله لكل من يصغي إليه.
كثيراً ما تكون صلواتنا من جانب واحد، إذ نتكلم نحن فقط! لكن علينا أن نتعلم كيف ننتبه إلى الله وإلى ما يقوله لنا خلال الصلاة. إن فعلنا ذلك، سنكتشف كيف نكون شركاء مع الله في عمله. سيقودنا، وسيستخدمنا، ويشرّفنا بالقيام بدور في عمله.
أنت تنتمي إلى عائلة الله. وقد وفّر لك بركات محبته العظيمة. وهو يريد أن يتحدث إليك.
العالم الذي صنعه. إن اختبارنا لعنايته يأتي لنا برسالته، “أنا أحبكم.” إنه يتكلم من خلال الظروف المحيطة بنا، ومن خلال كنيسته (جماعة المؤمنين) وخدماتها. وفي بعض الأحيان يتحدث من خلال الرؤى والأحلام، ورسائل يُنطق بها بإرشاد الروح القدوس. وأيضاً يتحدث من خلال النصح والتشجيع الذي نناله من المؤمنين الآخرين. كما يتحدث من خلال التاريخ ومن خلال ما يحدث في العالم اليوم. إننا نستمع إليه يتحدث في هدوء لضمائرنا وكياننا الداخلي الذي ندعوه روحنا. إنه يضع أفكاره في أذهاننا. ويتحدث إلينا عن طريق كلمته المكتوبة.
وَإِذَا انْحَرَفْتَ عَنِ الطَّرِيقِ إِلَى الْيَمِينِ أَوْ إِلَى الشِّمَالِ، تَسْمَعُ أُذُنَاكَ كَلِمَةً مِنْ وَرَائِكَ تَقُولُ: “هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ، اُسْلُكْ فِيهَا.” (إشعيا 30: 21)
وَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: “هَذَا هُوَ ابْنِيَ الْحَبِيبُ الَّذِي يُفَرِّحُنِي.” (متى 3: 17)
قَالَ اللهُ: ״إِنِّي فِي الْأَيَّامِ الْأَخِيرَةِ أُفِيضُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى، وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلَامًا. (أعمال 2: 17)
بالطبع علينا أن ندرك أن ليست كل الأفكار التي تأتي إلى عقولنا ونحن نصلي هي بالضرورة صوت الله، وكذا أيضاً بالنسبة لكل حلم أو رؤيا. بعض هذه هي ببساطة أفكارنا الخاصة. معظم الأحلام هي خليط من انطباعات كثيرة مختزنة في عقلنا الباطن. لكن الله يستخدم هذه الوسائل أحيانا ليتحدث إلينا.
كيف تسمع صوت الله؟
الهدف الثالث: تسمية عدة طرق يتكلم بها الله إلينا.
عندما تتحدث مع الله عن شيء، توقع منه أن يتكلم استمع إلى الإجابة. أعطِ انتباهاً خاصاً للأفكار الأولى التي تجيء إلى ذهنك بعد أن تتكلم إلى الله عن أمر ما. غالباً ما تكون هذه الأفكار من الله. قد تكون عبارة عن كلمات آية كتابية وبريق من الاستنارة عن كيفية تطبيقها على نفسك. أو قد تشعر بسلام عميق بخصوص مشكلة قد صليت من أجلها. إن الله يؤكد لك أنه قد سمع وسيجري الأمر. اشكره لهذا وانتظر صامتاً لترى إن كان يضع في فكرك شيئاً يجب عليك أن تعمله عن هذا الأمر.
صلِّ واستمع إلى صوت الله في أي وقت تقرأ فيه الكتاب المقدس. واقضِ بعض الوقت في قراءة الكتاب المقدس أثناء خلوتك اليومية أو في أي أوقات خاصة تقضيها في الصلاة. ستجد غالباً بأن المواعيد أو التعليمات الخاصة بما يجب عمله موجودة على صفحات هذا الكتاب العجيب. اطلب إلى الله أن يتحدث إليك خلال كلمته. في بعض الأحيان إذ تفكر في عدد أو آية قد تفتح أمامك رسالة كاملة في الموضوع. قد يكون هذا لفائدتك الشخصية، أو قد تكون رسالة يريدك الله أن تقدمها لشخص ما. قد ترغب في أن تدوّن بعض الأفكار التي يعطيك الله إياها. ابقَ مفكراً فيها. إن الله سيستخدمك شاهداً له أو مرسَلاً منه.
إن كلمة الله كما نجدها في الكتاب المقدس هي السلطان النهائي. فالله لا يمكن أن يقول لنا شيئاً يتعارض مع كلمته المكتوبة. وهكذا فإن كل شيء نأخذه كأنه صوت الله يجب أن يمتحن ويحكم عليه في ضوء ما يعلّمه الكتاب المقدس. سيساعدنا هذا لنعرف الفارق بين أفكارنا الخاصة وبين الانطباعات أو الرسالة التي يعطيها الله لنا.
من الجيد أيضاً أن نسترشد بمؤمنين ناضجين بخصوص ما نشعر أنه قيادة الله. فأولئك الذين لديهم خبرة أكثر في تفسير كلمة الله يمكنهم تقديم العون لنا. نحن في حاجة لمعونة بعضنا بعضاً في جماعة المؤمنين. فالله غالباً ما يستخدم عظة، أو شهادة أو نصيحة شخص آخر لكي يؤكد ويثبت ما كان قد سبق وأخبرنا به شخصياً. وهذه جميعها جزء من النمط الوارد في الكتاب المقدس. حتى رسل عيسى استرشدوا ببعضهم البعض في ما يتعلق بمشيئة الله، ونظروا إليه طلباً للإرشاد حتى أدركوا جميعهم بوضوح ما يريد الله منهم عمله.
نفّذ ما يقوله الله لك
الهدف الرابع: إقرار أن تسترشد بقيادة الله خلال الصلاة.
عندما نسمع من الله، وبعدما يخبرنا بما يريدنا أن نعمل، فإن واجبنا هو أن نطيع! هذا مهم جداً. فالله يكون سيداً في حياتنا فقط عندما نطيعه، ويكون هو، الشخص الذي نخدمه ونطيعه. نحن نكرم عيسى كسيِّد بأن نملأ أذهاننا بتعاليمه، وبأن نعمل ما يقوله. قال عيسى:
لِمَاذَا تَدْعُونِي: ‘يَا سَيِّدُ! يَا سَيِّدُ!’ وَلَا تَعْمَلُونَ بِمَا أَقُولُ؟ (لوقا 6: 46)
إن الكتاب المقدس يؤكد على شيئين يجب علينا عملهما لكي نأتي إلى الله بثقة ونرى صلواتنا تستجاب:
1. أن نؤمن بمولانا عيسى المسيح.
2. أن نحب الجميع.
وَبِهَذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّنَا نَسِيرُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ، وَتَرْتَاحُ قُلُوبُنَا فِي مَحْضَرِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَتْ قُلُوبُنَا تَلُومُنَا عَلَى شَيْءٍ. لِأَنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا وَيَعْرِفُ كُلَّ شَيْءٍ. يَا أَحِبَّائِي، إِنْ كَانَتْ قُلُوبُنَا لَا تَلُومُنَا، فَإِنَّنَا نَقْدِرُ أَنْ نَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِثِقَةٍ، وَنَنَالَ كُلَّ مَا نَطْلُبُهُ مِنْهُ، لِأَنَّنَا نُطِيعُ وَصَايَاهُ وَنَعْمَلُ مَا يُرْضِيهِ. وَوَصِيَّتُهُ هِيَ أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ عِيسَـى الْمَسِيحِ، وَأَنْ نُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَوْصَانَا. فَعِنْدَمَا نَعْمَلُ بِوَصَايَاهُ، نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا. وَنَحْنُ نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا بِالرُّوحِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَنَا. (1يوحنا 3: 19-24)
إن الكتاب المقدس يعطينا التعليمات العامة من الله حول ما يجب أن نفعله. والروح القدوس يرينا كيف ينطبق هذا على ظروفنا. فهو يذكّرنا بالكلمات التي نحتاجها في تلك اللحظة عينها. أو قد تكون لموقف سنواجهه في ذلك اليوم. إن الله يتحدث إلينا، وهذا يعد امتيازاً لنا أن نستمع إلى ما يقوله. وإذ نفعل ذلك، هو يعطينا تعليمات خاصة.
فلنعمل بحسب التعليمات الخاصة التي يعطينا إياها الله. قد تكون شيئاً كهذا: “اصبر وثق بي، سأعمل كل شيء.” أو “سامحي وانسي الكلمات الصعبة التي قالها زوجك، أظهري له أنك تحبينه، بإعداد شيء خاص له ليأكله.” “هل تذْكُر المشاجرة التي كانت لك مع جارك؟ أريدك أن تذهب إليه وتعتذر.” “الفاتورة التي أنت بها مدين لمحل “إبراهيم” تجعلني لا أباركك بالقدر الذي أريد.” لقد سلمها المحل في حساباته على أنها ديون معدومة، لكن المؤمن يدفع ما عليه. “أنت صليت أن يكرم اسمي ويتعظم وبهذا يمكنك أن تعظمه. قل لعمك “حنا” إني أحبه وأريد أن أساعده لحل مشكلته”. “ادعُ عائلة “يعقوب” لعشاء وأخبرهم عن محبتي.”
ونحن إذ نستمع لرسائل كهذه ونعمل بحسبها على أنها من الله كما ذكرت أعلاه، يصبح من الأسهل والأسهل لنا لأن ندرك صوته في أمور أخرى أيضاً. وكأبناء يمكننا أن نتكلم معه عن كل شيء في الصلاة، ونحصل على إرشاده في كل ما نعمل.
ونحن في حاجة إلى الشجاعة والتواضع أثناء تعلمنا إطاعة ما يقوله لنا الله. لقد سبق أن ذكرنا أننا نمتحن الانطباعات أو الرسائل بواسطة كلمة الله المكتوبة. ونحن أيضاً نسترشد برأي المؤمنين الآخرين، ربما راعينا أو أحد المؤمنين الناضجين روحياً، الذين يمكنهم أن يصلوا معنا ويساعدونا لنعرف عن يقين ما هي إرادة الله. يجب أن نكون متواضعين وعلى استعداد لأن نأخذ نصيحة من الآخرين أو تصويباً إن كنا قد ارتكبنا خطأ. فالله يريدنا أن نعمل معاً في توافق في جماعة المؤمنين وفي البيت. وهو في بعض الأحيان يخبرنا عن ما نعمل ولكن لا يخبرنا متى أو كيف نعمله بل يقودنا خطوة خطوة. فعلينا أن نستعد لما يريدنا أن نعمل ثم ندرك الفرصة عندما تحين.
وهكذا حين تصلي استمع إلى الله، إنها محادثة ذات اتجاهين. وهي اختبار عجيب يمكنك أن تتمتع به في أي وقت وحيثما تكون. فتصبح الحياة سلسلة من الاختبارات المفرحة مع الله إذ تتبع تعليماته، وترى الله يعمل عجائب استجابة للصلاة.