دراسة كتاب
يبدو من الأسهل أن نعتمد على بعض الأعداد المفضلة من الكتاب المقدس لكي تمدنا بالإرشاد والغذاء اللازمين. لكن الواقع أننا نحتاج إلى غذاء كامل من كلمة الله لكي ننمو إلى مستوى الكمال التام الذي يوجد في المسيح (أفاسس 4: 13). علينا أن نأكل كفايتنا من كلمة الله كل يوم لكي نحقق هذا الهدف.
قال عيسى:
أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ، مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ لَا يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنُ بِي لَا يَعْطَشُ أَبَدًا. يوحنا 6: 35
فكالخبز لأجسامنا، المسيح هو مصدر حياتنا. ولكي نفهم أبعاد حياتنا في المسيح بشكل أفضل، نحتاج لدراسة ما يقوله كل كتاب من كُتُب الكتاب المقدس عنه. ويزداد إيماننا بازدياد معرفتنا.
عندما سأل الناس عيسى عما يفعلونه لكي يرضوا الله، قال إن الله يريد الجميع أن يؤمنوا بابنه. عندما نؤمن به، نستطيع أن نعمل مشيئة الله (يوحنا 6: 28-29).
في هذا الدرسة
٪ منافع دراسة الكتاب كتاباً بكتاب
٪ كيفية دراسة أحد كُتُب الكتاب المقدس
٪ كتاب الرسالة إلى مؤمني كولوسي
يساعدك هذا الدرس علىة
٪ أن تفهم الهدف من دراسة الكتاب المقدس بشكل أفضل.
٪ أن تمارس عملياً ما تعلمته من دراسة الكتاب المقدس.
الهدف الأول: تحديد المنافع الشخصية من أسلوب دراسة الكتاب المقدس كتاباً بكتاب.
دراستك لكل كتاب من كُتُب الكتاب المقدس، تمنحك مع الوقت معرفةً قوية بإعلان الله الكامل. ستتمكن من رؤية الكيفية التي تترابط فيها أحداث الكتاب المقدس. ستعرف المزيد حول نبوة المجيء الثاني للمسيح وتكون مستعداً متى تحققت. ستبني أساساً قوياً لدراساتٍ أخرى حول الحقائق والدروس الروحية.
من أهم منافع دراسة كلمة الله كتاباً بكتاب، أنك تستطيع ملاحظة تعاليم معينة في إطار سياقها العام. أحياناً لا نستطيع أن نفهم معنى فقرة معينة بمعزل عن السياق. لذلك، فإن معرفتك بجميع كُتُب الكتاب المقدس ستساعدك على تمييز ومقاومة التعاليم المزيفة. ومثل هذه التعاليم منتشرة اليوم كما كانت أيام جماعة المؤمنين الأولى. الكثير من رسائل العهد الجديد تعالج مباشرة مسائل التعاليم الكاذبة التي ظهرت مع الانتشار السريع للإنجيل بعد موت المسيح وقيامته.
أما أعظم منفعة لدراسة الكتاب المقدس كتاباً بكتاب، فهي أن الكتاب المقدس سيصير كلمةً حيةً في داخلك. وفي أي وقت تواجه فيه أية مشكلة في حياتك، ستتمكن من الرجوع إلى تعاليم الكتاب المقدس لكي تقوي إيمانك وتحصل على الإرشاد اللازم بخصوص ما ينبغي عليك عمله.
كيفية دراسة أحد كُتُب الكتاب المقدس
الهدف الثاني: تحديد الخطوات الثلاث الرئيسية في دراسة أي كتاب.
تبدأ دراستك بالقراءة الشاملة للكتاب. عندما تكمل قراءة أحد الكتب، تستطيع أن ترى الصورة المتكامله. من الحكمة أن تقرأ رسالة بولس الرسول إلى مؤمني كولوسي مثلاً، أو أي كتاب آخر تريد دراسته، مرتين أو أكثر قبل أن تبدأ بكتابة الملاحظات للإجابة عن أسئلة كثيرة تتعلق بدراستك. هذا سيعطيك انطباعاً عاماً عن موضوع الكتاب الأساسي. وسيساعدك على معرفة شعور الكاتب أثناء كتابة الكتاب. قد تجد بعض ملامح اليأس في كلام الكاتب أو التشجيع أو روح العبادة والرجاء والفرح. قد تشعر باهتمامه نحو موضوع معين، أو حزنه أو تعبيره عن التواضع أو موقف الحُكم والتأديب وغيرها من المشاعر والمواقف. ثم أن قراءتك ستكشف لك عن الكلمات والتعابير الأساسية التي تتكرر عبر ذلك الكتاب.
فالخطوة الأولى هي أن تقرأ وتلاحظ، إلى أن ترى ماذا يريد الكاتب أن يقول. هذه الخطوة تتطلب بعض الوقت والصبر وكذلك الرغبة في معرفة ما تقولة كلمة الله.
الخطوة الثانية هي تفسير ما يعنيه كلام الكاتب. استخدم قواعد التفسير الثلاث التي درسناها في الدرس الرابع، اسال أسئلة، انتبه للمضمون واقرأ مقاطع كتابية مرتبطة بموضوع دراستك. ولا تنسَ أن تلاحظ الأسلوب الأدبي ونوع اللغة وتنظيم الكاتب لأفكاره. اكتب ملاحظات تتعلق بما تتعلمه باستخدام هذه القواعد. حاول تلخيص معنى الكتاب وهذا يعني أن تكتشف الأفكار الرئيسية في الكتاب وتحاول الربط بينها بكلماتك الخاصة وباختصار. بعد ذلك، يصبح ذلك الكتاب حياً بالنسبة لك. يصير جزءاً منك، وقوة لحياتك الشخصية.
الخطوة الثالثة هي أن تطبق هذه القوة الحية عملياً في حياتك. عليك أن تسمح لما تتعلمه عن المسيح أن يشكل شخصيتك ويهذب سلوكك. فإذا تمَّ ذلك، تصير حياتك نوراً للآخرين، ومن ثمَّ تستطيع أن تريهم الطريق إلى المسيح.
كتاب الرسالة إلى مؤمني كولوسي
الهدف الثالث: اكتشاف الأفكار الرئيسية في هذا الكتاب.
قبل كل شيء، أرجو أن تتوقف الآن وتبدأ بقراءة رسالة بولس الرسول إلى مؤمني كولوسي. ربما ترغب بقراءتها عدة مرات قبل الشروع بتفسيرها. إن كان كتابك المقدس يضع مقدمة وتقسيم لكل كتاب، أرجو أن تقرأ ذلك أيضاً. قد تجد في تلك المقدمة أن بولس كتب هذه الرسالة لجماعة المؤمنين فى كولوسي لكي يواجه التعاليم المزيفة التي انتشرت هناك. وفكرته الرئيسية هي أن “عيسى المسيح يعطي نجاةً كاملة.”
بعد قراءة الكتاب مرة واحدة، تابع دراستك بإعادة القراءة وكتابة الملاحظات حول انطباعاتك الأولية عن الكتاب. لاحظ بشكل خاص هذه الكلمات والأفكار المكررة: “إيمان” “يطلق حراً” “حياة في المسيح.” (لاحظ أن الكلمات والتعبيرات قد تختلف بحسب الترجمة التي تستخدمها). إن الانتباه للكلمات والمعاني المتكررة أثناء القراءة، يساعدك على تحديد الأفكار الرئيسية.
الهدف الرابع: استخدام بعض قواعد التفسير لدراسة مختارات من الرسالة.
كتاب كولوسي هو رسالة مكتوبة بلغة حرفية. يتحدث الكاتب بولس عن التعاليم الزائفة حول النجاة. وهو يستخدم بعض الرموز المجازية لمساعدة القارئ على تصور معنى الاتحاد مع المسيح. مثلاً في العدد 2: 8، يقول: “احذروا لئلا يضلكم أحد بفلسفة فارغة خادعة.” أي يأسركم ويسجنكم؛ فالاتحاد مع المسيح يحررنا من الرُبُط والقوانين البشرية المتعلقة بالنجاة. النجاة ليست سجناً، ونحن لن نكون أسرى فلسفة البشر.
ويستخدم بولس عدة أساليب لتنظيم أفكاره بهدف إبراز النقاط الرئيسية. اكتب ملاحظاتك حول الأساليب التي تكتشفها، ثم تابع التمارين التالية.
كيف تصنع مخططاً عاماً
أ ) الفكرة الرئيسية الأولى
1. الفكرة الأساسية الأولى المرتبطة بالفكرة الرئيسية الأولى
أ . فكرة ثانوية
ب. فكرة ثانوية
2. الفكرة الأساسية الثانية المرتبطة بالفكرة الرئيسية الأولى
أ . فكرة ثانوية
ب. فكرة ثانوية
ب) الفكرة الرئيسية الثانية
1. الفكرة الأساسية الأولى المرتبطة بالفكرة الرئيسية الثانية
أ . فكرة ثانوية
ب. فكرة ثانوية
2. الفكرة الأساسية الثانية المرتبطة بالفكرة الرئيسية الثانية
من المفيد أن تضع تعليم أحد الكُتُب في سياقه العام بمقارنته بتعليم مشابه في كُتُب أخرى. قد تجد في هامش كتابك المقدس (أو في مرجع آخر) عدة شواهد كتابية من رسالة بولس إلى أفاسس. أحد هذه الشواهد أفاسس 2: 1-10 حيث نقرأ أيضاً عن الانتقال من الموت إلى الحياة.
مخطط مقترح لرسالة كولوسي
أ ) صلاة
1. شكر من أجل الناس
2. لأجل الناس
ب) طبيعة المسيح وعمله
1. طبيعة المسيح
أ )طبيعة الله الكاملة
ب)خالق ومنجي
2. عمل المسيح
أ )يجعلنا إخوة
ب)يعطينا قوة لخدمته
ج) الحياة الجديدة في المسيح
1. حياة قوة
2. حياة حرية
3. حياة علاقة جديدة
أ )علاقة بالله
ب)علاقة بالناس
هذه الأفكار ليست جديدة عليك، فقد مرّت بك للتو في دراستك لرسالة كولوسي. وهذا يذكرنا بأن الكتاب المقدس، وإن كان مكوّناً من كُتُب كثيرة، هو كتاب واحد.
الهدف الخامس: شرح الطرق التي تستطيع بها أن تعيش حياة كاملة في المسيح بناءً على ما تعلمته من رسالة كولوسي.
لا فائدة من دراستك إلا إذا كنت مهتماً بكلمة الله بروح الصلاة ومن ثَمَّ تجاوبت مع الكلمة عملياً. المعرفة وحدها ليست كافية. عليك أن تطيع ما تعلمته لكي يستطيع الله أن يضع حياتك في مكانها المناسب من خطته.
لا أحد منا يدعّي أنه يعيش الحياة الموصوفة في كولوسي 100 %، لكن الله أعاننا، ونحن نطالب بوعوده لمزيد من العون.
هذا ينهي درسنا الذي أنجزنا فيه دراسة موجزة لرسالة بولس إلى مؤمني كولوسي. عليك أن تدرس هذه الرسالة بشكل أعمق عندما تكتشف الكيفية التي ترتبط فيها بكُتُب أخرى. ففي الرسالة حقائق روحية ثمينة من شأنها أن تغني حياتك التأملية. فليباركك الله وأنت تطبق المهارات التي تعلمتها على هذا الكتاب وغيره من كُتُب الكتاب المقدس.