فكّر في الله عندما تصلي

هل‭ ‬تعجبت‭ ‬وتساءلت‭ ‬لماذا‭ ‬يحصل‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬إجابات‭ ‬عجيبة‭ ‬لصلواتهم‭ ‬بينما‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬صلواتك‭ ‬تبدو‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مستجابة؟‭ ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬يتحدث‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬لله‭ ‬بسهولة‭ ‬بينما‭ ‬أنت‭ ‬بالكاد‭ ‬تجد‭ ‬ما‭ ‬تقوله؟‭ ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬تشعر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬بحضور‭ ‬الله،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬يبدو‭ ‬لك‭ ‬أنك‭ ‬تتحدث‭ ‬في‭ ‬فراغ؟‭ ‬ربما‭ ‬سأل‭ ‬كل‭ ‬مؤمن‭ ‬نفسه‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭.‬

حتى‭ ‬تلاميذ‭ ‬عيسى‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصلاة‭. ‬فلقد‭ ‬أمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬عيسى‭ ‬مقدار‭ ‬أهمية‭ ‬الصلاة،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬عجيبة‭ ‬حدثت‭ ‬استجابة‭ ‬لصلواته،‭ ‬لذلك‭ ‬طلبوا‭ ‬إليه‭ ‬قائلين‭:‬

يَا‭ ‬سَيِّدُ،‭ ‬عَلِّمْنَا‭ ‬أَنْ‭ ‬نُصَلِّيَ‭ (‬لوقا‭ ‬11‭: ‬1‭)‬

وقد‭ ‬أجاب‭ ‬عيسى‭ ‬هذه‭ ‬الطلبة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بكلماته،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بمثاله‭. ‬وعلّم‭ ‬التلاميذ‭ ‬صلاة‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يصلّوها،‭ ‬وعلّمهم‭ ‬كيف‭ ‬يصلّونها‭. ‬الله‭ ‬يريدنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬معه‭. ‬بل‭ ‬الحقيقي‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬في‭ ‬داخلنا‭ ‬الرغبة‭ ‬أن‭ ‬نصلي‭. ‬فلتكن‭ ‬طلبة‭ ‬التلاميذ‭ ‬هي‭ ‬طلبتنا‭ ‬بينما‭ ‬ندرس‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬بروح‭ ‬الصلاة‭. ‬والله‭ ‬مستعد‭ ‬لتعليمنا‭! ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ …‬

٪ الله‭ ‬سيعلمك‭ ‬أن‭ ‬تصلي‭.‬

٪ الله‭ ‬صالح‭.‬

٪ الله‭ ‬يحبك‭.‬

٪ الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا‭.‬

٪ الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

هذا‭ ‬الدرس‭ ‬سيساعدك‭:‬

٪ لتفكر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬تصلي‭.‬

٪ لتصلي‭ ‬بيقين‭ ‬واثقاً‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬يحبك‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الأفضل‭ ‬لك‭.‬

الله‭ ‬سيعلمك‭ ‬أن‭ ‬تصلي

الهدف‭ ‬الأول‭: ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬الصلاة‭.‬

عندما‭ ‬خلقنا‭ ‬الله،‭ ‬وضع‭ ‬فينا‭ ‬ما‭ ‬يشدنا‭ ‬إليه‭. ‬فنحن‭ ‬ندرك‭ ‬حاجتنا‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬تفوق‭ ‬قوتنا‭ ‬لحل‭ ‬مشاكلنا،‭ ‬وحمايتنا‭ ‬وسد‭ ‬احتياجاتنا،‭ ‬فنلجأ‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬الطبيعة‭ ‬طلباً‭ ‬للعون‭. ‬لكن‭ ‬دوافعنا‭ ‬للصلاة‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬نحن‭ ‬نحس‭ ‬بالحاجة‭ ‬لأن‭ ‬نعبد‭ ‬ونكرم‭ ‬ونخدم‭ ‬كائناً‭ ‬فائقاً‭ ‬للطبيعة‭.‬

كم‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬أن‭ ‬نوجه‭ ‬هذه‭ ‬العبادة‭ ‬للشخص‭ ‬الصحيح،‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬خلقنا،‭ ‬الله‭! ‬عندئذ‭ ‬فقط‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬الشبع‭ ‬الروحي‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬يريدنا‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬نتمتع‭ ‬به‭. ‬لقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬هكذا‭ ‬حتى‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتكلم‭ ‬ونتحدث‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬إلينا‭ ‬ويساعدنا‭. ‬فالحياة‭ ‬ليست‭ ‬كاملة‭ ‬بدون‭ ‬هذه‭ ‬الشركة‭ ‬مع‭ ‬الله‭.‬

يدعونا‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصلاة‭ ‬لنسأله‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬نريده‭. ‬تأمل‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭: ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬العالم‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬رب‭ ‬الكون‭ ‬ومالكه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬معنا‭. ‬هو‭ ‬صنعنا‭ ‬ويفهمنا‭ ‬ويحبنا‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يعيننا‭. ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬أعطانا‭ ‬إياه،‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬يدعونا‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬بمشاكلنا‭ ‬ونتحدث‭ ‬معه‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الصلاة‭ – ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬الله‭. ‬إنه‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭:‬

اُدْعُنِي‭ ‬فَأُجِيبَكَ‭ ‬وَأُخْبِرَكَ‭ ‬بِأُمُورٍ‭ ‬عَظِيمَةٍ‭ ‬وَعَمِيقَةٍ‭ ‬لَا‭ ‬تَعْرِفُهَا‭.‬‭ (‬إرميا‭ ‬33‭: ‬3‭) ‬

ثق‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬سيعلّمك‭ ‬حين‭ ‬تدرس‭ ‬وتطبق‭ ‬عملياً‭ ‬ما‭ ‬يعلّمنا‭ ‬إياه‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الصلاة‭. ‬إن‭ ‬عنوان‭ ‬كل‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬مبدأً‭ ‬كتابياً،‭ ‬هو‭ ‬قاعدة‭ ‬بسيطة‭ ‬لتساعدك‭ ‬حين‭ ‬تصلي‭. ‬ويأتي‭ ‬الدرس‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مملوءاً‭ ‬بالاقتراحات‭ ‬العملية‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تطبيقها‭. ‬إن‭ ‬مبدأ‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ – ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬عندما‭ ‬تصلي‭ – ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬علّمنا‭ ‬إياها‭ ‬عيسى‭. ‬إن‭ ‬اتبعنا‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬أعطانا‭ ‬إياه‭ ‬فسوف‭ ‬نبدأ‭ ‬صلواتنا‭ ‬مدركين‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الله،‭ ‬مكرّمين‭ ‬إياه،‭ ‬مصلين‭ ‬لتكن‭ ‬مشيئته‭.‬

صَلُّوا‭ ‬أَنْتُمْ‭ ‬بِمِثْلِ‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الصَّلَاةِ‭: ‬أَبَانَا‭ ‬الَّذِي‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ،‭ ‬لِيَتَقَدَّسِ‭ ‬اسْمُكَ‭. ‬لِتَأْتِ‭ ‬مَمْلَكَتُكَ‭. ‬لِتَكُنْ‭ ‬مَشِيئَتُكَ‭ ‬عَلَى‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬كَمَا‭ ‬هِيَ‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ‭.‬‭ (‬متى‭ ‬6‭: ‬9ذ10‭)‬

الله‭ ‬صالح

الهدف‭ ‬الثاني‭: ‬وصف‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتقدم‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭.‬

عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬ما،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬احتياجاتنا‭ ‬فقط‭. ‬بل‭ ‬نفكر‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬الشخص‭ ‬الآخر،‭ ‬من‭ ‬هو،‭ ‬ماذا‭ ‬يعمل،‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭. ‬إن‭ ‬درسنا‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الصلاة‭ ‬بفاعلية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تطبق‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬ذاته‭ ‬حين‭ ‬تتحدث‭ ‬إلى‭ ‬الله‭: ‬فكّر‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬حين‭ ‬تصلي‭. ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬للعبادة‭.‬

دعنا‭ ‬أولاً‭ ‬ندرك‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭. ‬ولأن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحررنا‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬الألم‭ ‬والمعاناة‭. ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يباركنا،‭ ‬ويجعلنا‭ ‬سعداء‭ ‬وأصحاء،‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنحيا‭ ‬حياة‭ ‬صالحة‭ ‬نافعة‭. ‬إن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬طيبة‭ ‬وصلاح‭ ‬الله‭ ‬يجعلنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نشترك‭ ‬في‭ ‬ترنيمة‭ ‬صاحب‭ ‬المزمور‭:‬

مزمور‭ (‬100‭):‬

1‭.‬ اِهْتِفِي‭ ‬للهِ‭ ‬يَا‭ ‬كُلَّ‭ ‬الْأَرْضِ‭.‬

2‭.‬ اُعْبُدُوا‭ ‬اللهَ‭ ‬بِفَرَحٍ،‭ ‬تَعَالَوْا‭ ‬قُدَّامَهُ‭ ‬مُرَنِّمِينَ‭.‬

3‭.‬ اِعْلَمُوا‭ ‬أَنَّ‭ ‬الْمَوْلَى‭ ‬هُوَ‭ ‬اللهُ‭. ‬هُوَ‭ ‬صَنَعَنَا،‭ ‬نَحْنُ‭ ‬لَهُ‭. ‬نَحْنُ‭ ‬شَعْبُهُ،‭ ‬وَغَنَمُهُ‭ ‬الَّتِي‭ ‬يَرْعَاهَا‭.‬

4‭.‬ اُدْخُلُوا‭ ‬أَبْوَابَهُ‭ ‬بِالْحَمْدِ،‭ ‬وَدِيَارَهُ‭ ‬بِالتَّسْبِيحِ‭. ‬اِحْمَدُوهُ‭ ‬وَسَبِّحُوا‭ ‬اسْمَهُ،

5‭.‬ لِأَنَّ‭ ‬اللهَ‭ ‬طَيِّبٌ،‭ ‬وَرَحْمَتَهُ‭ ‬تَدُومُ‭ ‬إِلَى‭ ‬الْأَبَدِ،‭ ‬وَأَمَانَتَهُ‭ ‬إِلَى‭ ‬كُلِّ‭ ‬الْأَجْيَالِ‭.‬

الله‭ ‬يحبك

الهدف‭ ‬الثالث‭: ‬شرح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬محبة‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬لنا‭ ‬الله‭ ‬غفران‭ ‬الخطايا‭.‬

إن‭ ‬الله‭ ‬يحبك‭ ‬ويحبني‭. ‬فالمحبة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬طبيعته‭. ‬لقد‭ ‬أرسل‭ ‬الأب‭ ‬ابنه‭ ‬عيسى‭ ‬المسيح‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬لكي‭: (‬1‭) ‬يخبرنا‭ ‬عن‭ ‬محبته،‭ (‬2‭) ‬يبين‭ ‬هذه‭ ‬المحبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حياته‭ ‬وموته‭ ‬من‭ ‬أجلنا،‭ (‬3‭) ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬معه‭ ‬ونتمتع‭ ‬بمحبته‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭. ‬قال‭ ‬مولانا‭ ‬عيسى‭:‬

أَحَبَّ‭ ‬اللهُ‭ ‬كُلَّ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬لِدَرَجَةِ‭ ‬أَنَّهُ‭ ‬بَذَلَ‭ ‬ابْنَهُ‭ ‬الْوَحِيدَ‭ ‬لِكَيْ‭ ‬لَا‭ ‬يَهْلِكَ‭ ‬كُلُّ‭ ‬مَنْ‭ ‬يُؤْمِنُ‭ ‬بِهِ،‭ ‬بَلْ‭ ‬يَنَالَ‭ ‬حَيَاةَ‭ ‬الْخُلُودِ‭.‬‭ (‬يوحنا‭ ‬3‭: ‬16‭)‬

لأن‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬فقد‭ ‬وضع‭ ‬مقاييس‭ ‬معينة‭ ‬للعالم‭ ‬الذي‭ ‬صنعه‭. ‬فهو‭ ‬يعلّمنا‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنعمل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صواب‭. ‬وكملك‭ ‬للكون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكمنا‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬نعمل،‭ ‬فيجازي‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬الصواب،‭ ‬ويعاقب‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬الخطأ‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أننا‭ ‬جميعاً‭ ‬أخطأنا‭ ‬وحُكِم‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننفصل‭ ‬أبدياً‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬طريق‭ ‬لنجاتنا‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬طريق‭! ‬إن‭ ‬الله‭ ‬أحبنا‭ ‬كثيراً‭ ‬جداً‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬أرسل‭ ‬ابنه،‭ ‬عيسى‭ ‬المسيح،‭ ‬ليأخذ‭ ‬مكاننا‭. ‬وعيسى‭ ‬أيضاً‭ ‬يحبنا‭ ‬وقد‭ ‬مات‭ ‬لأجل‭ ‬خطايانا‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬من‭ ‬الأموات‭ ‬ورجع‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭. ‬ويوماً‭ ‬ما‭ ‬سيأتي‭ ‬ثانية‭ ‬ليضع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬أبيه‭.‬

أَمَّا‭ ‬أَنَا‭ ‬فَجِئْتُ‭ ‬لِتَكُونَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬حَيَاةٌ،‭ ‬بَلْ‭ ‬حَيَاةٌ‭ ‬وَفِيرَةٌ‭.‬‭ (‬يوحنا‭ ‬10‭: ‬10‭)‬

إذا‭ ‬فكرنا‭ ‬عندما‭ ‬نصلي‭ ‬كم‭ ‬يحبنا‭ ‬الله‭ ‬سنشعر‭ ‬أننا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نرضيه‭. ‬نحن‭ ‬نأسف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬عملناه‭ ‬ونطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يغفر‭ ‬لنا‭ ‬ويساعدنا‭ ‬لنعمل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صواب‭.‬

إِنِ‭ ‬اعْتَرَفْنَا‭ ‬بِذُنُوبِنَا،‭ ‬فَهُوَ‭ ‬أَمِينٌ‭ ‬وَيُمْكِنُنَا‭ ‬أَنْ‭ ‬نَتَّكِلَ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬لِيَغْفِرَ‭ ‬لَنَا‭ ‬ذُنُوبَنَا‭ ‬وَيُطَهِّرَنَا‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَرٍّ‭.‬‭ (‬1يوحنا‭ ‬1‭: ‬9‭)‬

الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا

الهدف‭ ‬الرابع‭: ‬وصف‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الله‭ ‬أبانا‭.‬

حين‭ ‬نقبل‭ ‬مولانا‭ ‬عيسى‭ ‬منجياً‭ ‬لنا،‭ ‬يصبح‭ ‬الله‭ ‬أباً‭ ‬لنا‭. ‬وهو‭ ‬يفعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬تبنينا،‭ ‬فهو‭ ‬يرسل‭ ‬روحه‭ ‬القدوس‭ ‬ليحيا‭ ‬فينا،‭ ‬ويعطينا‭ ‬طبيعة‭ ‬جديدة‭ ‬ويجعلنا‭ ‬أبناءه‭. ‬ويعلّمنا‭ ‬عيسى‭ ‬حين‭ ‬نصلي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬يا‭ ‬أبانا،‭ ‬بالتمام‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬هو‭ ‬دائماً‭. ‬فكر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ندعو‭ ‬خالق‭ ‬الكون‭ ‬أبانا‭!‬

يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نأتي‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬ونطلب‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬نحتاجه‭ ‬من‭ ‬أبينا‭ ‬السماوي‭. ‬ولقد‭ ‬أخبرنا‭ ‬عيسى‭ ‬بأن‭ ‬الأب‭ ‬يحبنا‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعطينا‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭.‬

فَالْأَبُ‭ ‬نَفْسُهُ‭ ‬يُحِبُّكُمْ،‭ (‬يوحنا‭ ‬16‭: ‬27‭)‬

هَذَا‭ ‬هُوَ‭ ‬السَّبَبُ‭ ‬أَنِّي‭ ‬أَقُولُ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬أَنْ‭ ‬لَا‭ ‬تَقْلَقُوا‭ ‬عَلَى‭ ‬طَعَامٍ‭ ‬أَوْ‭ ‬شَرَابٍ‭ ‬لِمَعِيشَتِكُمْ،‭ ‬وَلَا‭ ‬عَلَى‭ ‬مَلَابِسَ‭ ‬لِأَجْسَامِكُمْ‭. ‬أَلَيْسَتِ‭ ‬الْحَيَاةُ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الطَّعَامِ‭ ‬وَالْجِسْمُ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمَلَابِسِ؟‭ ‬اُنْظُرُوا‭ ‬إِلَى‭ ‬طُيُورِ‭ ‬السَّمَاءِ،‭ ‬إِنَّهَا‭ ‬لَا‭ ‬تَزْرَعُ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَحْصُدُ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَجْمَعُ‭ ‬فِي‭ ‬مَخَازِنَ،‭ ‬وَأَبُوكُمُ‭ ‬السَّمَائِيُّ‭ ‬يَرْزُقُهَا‭. ‬أَلَسْتُمْ‭ ‬أَهَمَّ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬بِكَثِيرٍ؟‭ ‬‭(‬متى‭ ‬6‭: ‬25‭-‬26‭)‬

فَإِنْ‭ ‬كُنْتُمْ‭ ‬أَنْتُمُ‭ ‬الْأَشْرَارُ،‭ ‬تَعْرِفُونَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تُعْطُوا‭ ‬عَطَايَا‭ ‬صَالِحَةً‭ ‬لِأَوْلَادِكُمْ،‭ ‬فَكَمْ‭ ‬بِالْأَوْلَى‭ ‬أَبُوكُمُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬فِي‭ ‬السَّمَاءِ‭ ‬يُعْطِي‭ ‬الْخَيْرَاتِ‭ ‬لِلَّذِينَ‭ ‬يَطْلُبُونَ‭ ‬مِنْهُ‭! ‬‭(‬متى‭ ‬7‭: ‬11‭)‬

إن‭ ‬دورنا‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬عما‭ ‬نحتاج،‭ ‬وهذا‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬الصلاة‭. ‬نحن‭ ‬نسأل،‭ ‬وقد‭ ‬وعد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يستجيب‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نخاف‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬نطلب‭ ‬شيئاً‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬عمله‭. ‬فهو‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭! ‬ولذلك‭ ‬فنحن‭ ‬نسأل،‭ ‬عالمين‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬أبونا‭.‬

اِسْأَلُوا‭ ‬تُعْطَوْا‭.‬‭ (‬لوقا‭ ‬11‭: ‬9‭)‬

لأجل‭ ‬احتياجك كفاية‭ ‬الله

لأجل‭ ‬ضعفك قوة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬فشلك‭ ‬ غفران‭ ‬الله

لأجل‭ ‬وحدتك محبة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬جهلك علم‭ ‬الله

لأجل‭ ‬مشاكلك حكمة‭ ‬الله

لأجل‭ ‬مرضك شفاء‭ ‬الله

الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء

الهدف‭ ‬الخامس‭: ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬اللامحدودة‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬احتياجاتنا‭.‬

الله‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬محدود،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭. ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬محدوداً‭ ‬بالمكان‭ – ‬إذ‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬محدوداً‭ ‬بالزمان‭ – ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬دائماً،‭ ‬ودائماً‭ ‬سيكون،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬أزلي‭ ‬أبدي‭. ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يرى‭ ‬المستقبل‭ ‬بنفس‭ ‬الوضوح‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬به‭ ‬الماضي‭ ‬وكذا‭ ‬الحاضر،‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يخفى‭ ‬عليه‭ – ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬أفكارنا‭.‬

إن‭ ‬الله‭ ‬يفهمنا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬نفهم‭ ‬نحن‭ ‬أنفسنا،‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬بالتمام‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬لنا‭. ‬ونحن‭ ‬إذ‭ ‬نذهب‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭ ‬ونسأله‭ ‬أن‭ ‬يقودنا‭ ‬ويرشدنا،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬حكمته‭ ‬غير‭ ‬المحدودة‭ ‬وكذا‭ ‬صلاحه‭ ‬ومحبته‭. ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬هو‭ ‬صواب‭. ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نسلّم‭ ‬حياتنا‭ ‬له‭ ‬بسرور،‭ ‬عالمين‭ ‬بأنه‭ ‬سيعتني‭ ‬بنا‭ ‬جيداً‭.‬

الله‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬الكيان

الحكمة

المعرفة

الصلاح

القوة

المحبة

الله‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬القوة‭ – ‬فقد‭ ‬خلق‭ ‬الكون،‭ ‬وهو‭ ‬يديره‭ ‬بأمره‭. ‬إن‭ ‬قوانين‭ ‬الطبيعة‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬الأنماط‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الله‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭. ‬لكنه‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬بها‭. ‬فحينما‭ ‬يشاء‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يسرع‭ ‬أو‭ ‬يبطئ‭ ‬عملها،‭ ‬أو‭ ‬يمكنه‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬عملها‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬بواسطة‭ ‬قانون‭ ‬أسمى،‭ ‬أي‭ ‬المعجزات‭ ‬والقوات‭ ‬التي‭ ‬عملها‭ ‬عيسى‭: ‬فقد‭ ‬شفى‭ ‬المرضى،‭ ‬وأقام‭ ‬الموتى،‭ ‬وجعل‭ ‬الأعمى‭ ‬يبصر‭ ‬والأصم‭ ‬يسمع‭. ‬هذه‭ ‬جميعها‭ ‬بكلمة‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬لمسة‭. ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬لنا‭ ‬إطلاقاً‭ ‬أن‭ ‬نخشى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مشاكلنا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحلها‭ ‬الله‭!‬

أَمَّا‭ ‬اللهُ‭ ‬فَهُوَ‭ ‬عَلَى‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬قَدِيرٌ‭.‬‭ (‬متى‭ ‬19‭: ‬26‭)‬